استخدام البيانات الضخمة في قطاع التجزئة (تجربة أمازون)

ترجمة: ريما فواز

نبذة

منذ فترة طويلة، تجاوزت أمازون نموذجها التجاري الأصلي كمتجر لبيع الكتب عبر الإنترنت. وتعتبر الآن واحدة من أكبر متاجر التجزئة للسلع المادية والسلع الافتراضية مثل الكتب الإلكترونية والفيديوهات، ومؤخرا ً خدمات الويب.

حققت أمازون الكثير من نجاحاتها الجوهرية من خلال عدة استراتيجيات من أهمها استخدامهم الرائد لتقنية “محرك التوصيات” – أنظمة مصممة للتنبؤ برغبة العميل في بعض المنتجات، ومتى يرغب به وما إلى ذلك.

لم تكتف أمازون بالنجاحات التي حققتها من خلال تلك الاستراتيجيات بل انتقلت لتكون منتجا ً للسلع والخدمات، بدلاً من مجرد منفذ بيع. بالإضافة إلى إنتاج الأفلام والبرامج التلفزيونية، بناء وتسويق الأجهزة الإلكترونية، بما في ذلك الأجهزة اللوحية وصناديق التلفزيون وأجهزة البث.

ومؤخرا ً، اتجهوا لمنافسة سلاسل متاجر البقالات من خلال تقديم منتجات طازجة وتوصيل أسرع عبر خدمتهم Amazon Now.

ما المشكلة التي ساعدت البيانات الضخمة في حلها؟

بات الانفجار الهائل في توفر البيانات والمعلومات مشكلة حقيقية، ويواجه التجار خسائر كبيرة بسببها. تعتمد التجارة الإلكترونية على توفير أكبر عدد ممكن من المنتجات أو الخدمات، لزيادة فرص البيع. فازدهرت شركات مثل أمازون و ولمارت من خلال اعتماد نموذج “كل شيء تحت سقف واحد” للسوبرماركت.

المشكلة هنا أن العملاء غالبا ً ما يشعرون بالحيرة والتشتت عندما يتعرضون لمجموعة كبيرة من الخيارات الممكنة وهذا ما يعرف بمعضلة الخيارات. فعلى الصعيد النفسي، كثرة الخيارات قد تثير مخاوف “ندم الشراء” – إضاعة المال من خلال اتخاذ قرارات شراء بناء ً على معلومات غير دقيقة – أو تأجيل إنفاق المال حتى نتأكد من أننا قمنا بإجراء بحث كافٍ.

قد تتسبب كثرة الخيارات في تغيير رأينا تماما ً حول الحاجة إلى تلفزيون بدقة فائقة الوضوح بقيمة 2000 دولار ونقرر الذهاب لرحلة سياحية قصيرة بدلاً من ذلك.

إنها نفس المشكلة التي تعاني منها غالبية المشاريع التي تنطوي على كميات كبيرة من المعلومات. يمكن أن يواجه العملاء الكثير من البيانات (مع العديد من الخيارات) مع نقص في الإدراك – بدون فكرة واضحة حول ماهية أفضل قرار شراء لتلبية احتياجاتهم ورغباتهم.

كيف استخدمت البيانات الضخمة في عمل أمازون؟

استخدمت أمازون البيانات الضخمة التي تم جمعها من العملاء أثناء تصفحهم للموقع لبناء وضبط أنظمة التوصية الخاصة بها. ربما لم تكن أمازون هي المخترعة الأولى لأنظمة التوصية، ولكنها قدمت تلك الأنظمة للاستخدام العام الواسع. النظرية هنا هي أنهم كلما عرفوا المزيد عن العميل، زادت احتمالية قدرتهم على توقع ما يرغب بشرائه. بمجرد أن يتم ذلك، يمكنهم تبسيط عملية إقناعه بشرائها عن طريق التخلص من الحاجة إلى البحث في أقسام الموقع المتعددة.

يستند محرك التوصية في أمازون إلى ما يعرف ب “collaborative filtering “. وهذا يعني أنه يقرر ما يعتقد أنك ترغب فيه من خلال معرفة من تكون، ثم يقدم لك عناصر تم شرائها من قبل عملاء آخرين لديهم ملف شخصي مشابه لك.

على عكس تصفية القائمة على المحتوى، على سبيل المثال، في محرك التوصية في نيتفليكس – فإن ذلك يعني أن النظام لا يحتاج في الواقع إلى معرفة أي شيء عن البيانات غير المهيكلة داخل المنتجات التي يبيعها. كل ما يحتاجه هو البيانات الوصفية: اسم المنتج، وكم يكلف، ومن قام بشرائه، ومعلومات مماثلة.

أمازون تجمع البيانات عن كل واحد من أكثر من ربع مليار عميل أثناء استخدامهم لخدماتها. بالإضافة إلى ما تشتريه، فإنهم يراقبون ما تنظر إليه، وعنوان الشحن الخاص بك لتحديد البيانات الديموغرافية (يمكنهم تخمين مستوى دخلك بدقة من خلال معرفة حي السكن) وما إذا كنت تترك تعليقات وآراء العملاء.

كما ينظرون إلى وقت تصفحك لتحديد سلوكياتك العادية ومقارنة بياناتك مع أشخاص آخرين يتبعون أنماطا ً مشابهة.

إذا استخدمت خدمات أمازون للبث المباشر، مثل “أمازون برايم”  للبث المباشر للفيديو أو تأجير الكتب الإلكترونية، فيمكنهم أيضا ً معرفة مقدار الوقت الذي تكرسه لمشاهدة الأفلام أو قراءة الكتب.

تستخدم كل هذه البيانات لبناء “رؤية 360 درجة” عنك كعميل فردي. بناءً على ذلك، يمكن لأمازون أن تجد أشخاصًا آخرين يعتقدون أنهم ينتمون إلى نفس الفئة المستهدفة المحددة بدقة (مثال: رجال موظفين بين 18 و45 عاما ً، يعيشون في منزل مستأجر بدخل يتجاوز 30,000 دولار ويستمتعون بالأفلام الأجنبية، على سبيل المثال) وتقديم توصيات بناء ً على اهتماماتهم.

في عام 2013، بدأت أمازون ببيع هذه البيانات للمعلنين للسماح لهم بإطلاق حملات تسويقهم الخاصة المدعومة بتقنية البيانات الضخمة. وهذا وضعهم في منافسة مع جوجل وفيسبوك، التي تبيعان أيضًا وصولًا مجهولًا إلى بيانات المستخدمين للمعلنين.

ماذا كانت أبرز النتائج:

أصبحت أمازون أكبر متجر تجزئة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة نتيجة نهجها المركز على العملاء في تكنولوجيا التوصية. في العام الماضي، حققت أمازون مبيعات تقارب 90 مليار دولار من المبيعات في جميع أنحاء العالم. وقد ارتفعت إيرادات أعمالها المستندة إلى الخدمات السحابية عبر الويب، مثل أمازون ويب سيرفيسز، بنسبة 81٪ في العام الماضي لتصل إلى 1.8 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، جعل نهج أمازون في استخدام البيانات الضخمة في التسوق وخدمات العملاء منها علامة تجارية معترف بها عالميا ً.

ماهي البيانات المستخدمة:

أمازون تقوم بجمع البيانات من المستخدمين أثناء تصفحهم للموقع – مراقبة كل شيء بدءً من الوقت الذي يقضونه في تصفح كل صفحة إلى اللغة المستخدمة في التقييمات التي يتركونها. بالإضافة إلى ذلك، يستخدمون مجموعات بيانات خارجية مثل معلومات التعداد السكاني لتحديد بيانات العملاء الديموغرافية. إذا استخدمت تطبيقاتهم على هاتفك الذكي أو جهاز الكمبيوتر اللوحي الذي يدعم تحديد المواقع بنظام GPS ، فيمكنهم أيضا ً جمع بيانات موقعك ومعلومات عن التطبيقات والخدمات الأخرى التي تستخدمها على هاتفك. باستخدام خدمات المحتوى المتدفقة لأمازون مثل أمازون برايم وأوديبل، يمكنهم الحصول على معلومات مفصلة أكثر حول مكانك ووقت وكيفية مشاهدتك واستماعك للتلفزيون والأفلام والمحتوى الصوتي.

لمحة عن بعض التفاصيل التقنية:

تتعامل أمازون مع أعمالها الأساسية في مستودع البيانات المركزي الخاص بها، والذي يتألف من خوادم Hewlett-Packard تعمل بنظام التشغيل Linuxوتعتمد على قاعدة بيانات Oracle للتعامل مع 187 مليون زائر فريد شهريا ً على موقعها الإلكتروني وأكثر من مليوني بائع في سوق أمازون.

بعض التحديات في تلك التجربة:

في الأيام الأولى كان أكبر تحدي لأمازون وجميع متاجر التجزئة الإلكترونية هو جعل الجمهور يثق في المشاركة في الأنشطة التجارية عبر الإنترنت. في الوقت الحاضر، وبفضل التحسينات في الأمان والضغط التشريعي (وعلى الرغم من زيادة حالات سرقة البيانات)، لا يوجد لدينا قلق عالي في تقديم تفاصيل بطاقتنا الائتمانية لتجار التجزئة عبر الإنترنت أكثر مما نفعل مع المتاجر التقليدية. يستخدم أمازون أنظمة Netscape Secure Commerce Server و SSL لتخزين المعلومات الحساسة في قاعدة بيانات مشفرة.

ما هي نقاط التعلم الرئيسية والنتائج المستفادة؟

  • تنوع اختيارات المستهلك هو أمر رائع، ولكن الكثير من الاختيارات دون توجيه قد يربك العملاء ويثبطهم عن اتخاذ قرارات الشراء.
  • تسهّل محركات توصية البيانات الضخمة مهمة توقع ما يرغب فيه العميل، من خلال عمل تحليل للملف الشخصي له ومراجعة تاريخ الشراء للأشخاص الذين يندرجون ضمن نفس التخصصات.
  • كلما عرفت الشركة المزيد عن العميل، كلما استطاعت بيع منتجاتها بشكل أفضل لهم. تطوير رؤية شاملة لكل عميل كفرد هو أساس التسويق وخدمة العملاء التي تعتمد على البيانات الضخمة.
  • الخصوصية وأمان المعلومات هما أمران مطلوبان بشكل قطعي. يمكن أن يدمر اختراق البيانات الضخم أو سرقتها ثقة المستهلك في الشركة في ليلة وضحاها.
  • من خلال مراعاة هذه النقاط، يمكن للشركات تحسين تجربة العملاء، وتعزيز المبيعات، والحفاظ على الثقة في سوق يتسم بالاعتماد المتزايد على البيانات.

مصادر:

Statista(2015) Annual number of worldwide active Amazon customer

accounts from 1997 to 2014 (in millions), 

Annual Amazon accounts worldwide 2015 | Statista

لمعلومات اكثر حول استخدام امازون للبيانات الضخمة:

http://expandedramblings.com/index.php/amazon-statistics/

Scientific explanation of Amazon’s recommendation engine, and col-

laborative filtering in general, by Greg Linden, Brent Smith, and Jeremy

York of Amazon

http://www.scribd.com/doc/14771615/Amazon-

Recommendations