استخدام البيانات الضخمة في الرياضة (تجربة منتخب الولايات المتحدة الأولمبي للدراجات)

ترجمة: شدا المبرد

نبذة عن التجربة

سرعان ما تزداد العلاقة بين مجاليّ الرياضة وتحليلات البيانات، كما سيأتي في نقاط كثيرة من هذه التجربة. سوف نرى في هذه التجربة كيف انتقل فريق المنتخب الأمريكي للدراجات من مستوى الخسارة إلى الفوز بالميداليات الفضية في أولمبياد لندن 2012، وأحد أسباب ذلك يعود إلى قوة تحليلات البيانات.

كانت لاعبات الفريق يعانين عندما عدن إلى أصدقائهن وعائلاتهن وللمجتمع طلباً للمساعدة، شُكِّل فريق من المتطوعين في عدة مجتمعات رقمية للرياضة والصحة، وكانوا بقيادة سكاي كرستوفرسن. كان كرستوفرسن دراجاً أولمبيّاً ومحطماً للرقم القياسي على مستوى العالم في سباق الدراجات على المضمار ذو المئتين مترا للفئة العمرية 35 عاماً فأكثر، حقق ذلك باتخاذه نظام تدريب أعده لنفسه، بُني على تحليلات البيانات حذوَ ما عمله طبيب القلب د. إيريك توبال.

ما المشكلة التي ساعدت البيانات الضخمة في حلها؟

بدأ  كرستوفرسن بمشروعه “أوأثليت” اختصارا لـ”الرياضيّ المحسّن” بعد خيبة أمله من تعاطي العقاقير المنشطة في هذه الرياضة، إثر فضيحة لانس أرمسترونق بالعقاقير، والذي عرف بـ”أكبر محتال في الرياضات الأمريكية”. كانت فكرة أوأثليت هي مساعدة اللاعبات لتحسين أداءهن وصحتهن بصفة مستدامة، دون الرجوع للعقاقير المحسِّنة للأداء. ونتيجة لذلك، نشأت فلسفة “البيانات لا العقاقير”.

كيف استُخدمت البيانات الضخمة عمليًّا؟

بالعمل مع فريق الدراجات، وضع كريستوفرسون مجموعة من تقنيات جمع البيانات والمراقبة المعقدة لتسجيل كل الجوانب التي تؤثر على أداء اللاعبات، بما في ذلك النُّظم الغذائية وأنماط النوم والبيئات وكثافة التدريب. دُرست تلك البيانات لتحديد الأنماط المتعلقة بأداء اللاعبات لتُدلى التغييرات على برامجهن التدريبية.

ماذا كانت أبرز النتائج؟

كما يقول كرستوفرسن، بقياس الجوانب المختلفة (مثل النوم والنظام الغذائي) وفهم ترابطها، يمكن تحقيق “أعلى مستوى في الأداء”، ففي هذه الحالة، يدل عمق التحليلات على أن كرستوفرسن استطاع الوصول إلى ما يسميه بـ” نطاقات المثالية الفردية”. فبهذه المعلومات، استطاع تطوير برامج مصممة خصيصاً لكل لاعبة لتحقيق الحد الأعلى لمستوى كل لاعبة في الفريق، فمثلًا: كان أحد الاستنتاجات هو أن اللاعبة جيني ريد يتحسن أدائها بشكل لافت إذا كانت قد نامت بدرجة حرارة منخفضة في الليلة الماضية، لذا جُهَّزت لها مرتبة نوم مبردة بالماء لتبقي جسدها على نفس درجة الحرارة طيلة الليل، يقول كرستوفرسن: كان لذلك الأثر في جعل نومها عميقاً، ويكون كذلك عندما يفرز الجسم التستسترون وهو هرمون النمو في الإنسان. وأما في حالة ساره هامر، أظهرت بياناتها أن لديها نقص في فيتامين دال، فغُيّرَ نظامها الغذائي، وروتينها اليومي (بما في ذلك تعرضها لأشعة الشمس)، فنتج عن ذلك تحسن كبير في أدائها.

وعلى صعيد آخر، ساعدت تلك التحليلات اللاعبات في تجنب الإصابات. حسب رأي كرستوفرسن، أن أكثر ما يغوي الرياضيين لتعاطي العقاقير المحسنة للأداء والتي أفسدت رياضة ركوب الدراجات هو الحاجة للتدريب الصارم مع تجنب مخاطر الإصابة والمرض. تُمكّن البيانات الضخمة الفرق الرياضية ذات الأداء العالي من تحديد العوامل المتعددة التي تؤثر في الأداء، مثل حجم التدريب، والاستشفاء، وكيفية تجدد جسم الإنسان. مما يعني أن الفِرق يمكنها أخيرا قياس كل هذه العناصر وإنشاء إشارات تحذير مبكرة، تساعد الرياضيين مثلا من عدم الوقوع بفرط التدريب، مما قد يسبب الإصابة أو المرض. وفقاً لكرستوفرسون، فالسر يكمن في إيجاد التوازن أثناء التدريب، قال: “إنما هو التلاعب بالتدريب بناءً على البيانات التي سجلتها حيث لا تندفع إلى منطقة الخطر، ولا أن تتراجع أو تقلل من استخدام موهبتك، هناك خطٌّ رفيع فيما بينهما، وهذا ما فعلناه أخيرا باستخدام البيانات الضخمة”. يُرى أنه بإمكان البيانات الضخمة إذا استُخدمت بدقة وكفاءة أن توسع نطاق مهن الرياضيين المحترفين إلى ما بعد سن التقاعد (ثلاثون عاماً)، مع التوازن المحمود بين النظم الغذائية والتدريبات، وتجنب الإصابة من فرط الإجهاد.

لم تكن خطة كرستوفرسن مبنيّةً على تجارب علمية صارمة وإنما نفعت على مستوى نجاحه الشخصي ونجاح فريق اللاعبات، بدليل فوزهن المفاجئ بالميدالية الفضية.

ما هي البيانات التي تم استخدامها في التحليل؟

استخدم كرستوفرسن بيانات داخلية وخارجية وبيانات مهيكلة وغير مهيكلة؛ فعلى سبيل المثال: جُمعت بيانات ذات سلاسلَ زمنية – مثل قياسات سكر الدم والبشرة والنبض – باستخدام أجهزة استشعار متصلة بالجسم، وجُمعت بيانات الضجيج والتعرض لأشعة الشمس، وكذلك جمع بعض البيانات التي تخص البيئة، مثل درجة الحرارة والوقت والجو من خلال الاستفادة من البيانات المتوفرة والمنشورة. كما استُخدمت أيضا تحاليل الفيديو، وقياس أنماط نوم اللاعبات باستخدام التخطيطات الدماغية المباشرة.

ما هي أبرز التفاصيل التقنية المستخدمة في تلك التحليلات؟

لتنفيذ البرنامج، اشترك كرستوفرسن مع شركة داتامير (Datameer) من سان فرانسيسكو والمختصة بتحليلات البيانات وتمثيلها رسومياِ. خُزّنت البيانات في سحابة إلكترونية على منصة هدوب (Hadoop).

ماذا كانت أبرز التحديات؟

مشكلة استكشاف البيانات أنها غالبا تفتقر للفرضيّات الواضحة، ولكن بالنسبة لللّاعبات الأولمبيّات، كان بمقدرتهن الاستفادة من خبرتهنّ والتجارب الذاتية المستمرة لتوجيه الاستكشاف، إذ ساهمت هذه التجربة بالإضافة إلى نهج داتامير في جداول البيانات بمساعدة الفريق على التعامل مع الكمية الهائلة من البيانات المستخدمة، حيث وحّد نهج داتامير لجداول البيانات مُختَلف الأنواع والأحجام ومصادر البيانات بسهولة، وجعل منها طريقة أسهل للاستنتاج.

ما هي أبرز الفوائد والدروس من تلك التجربة؟

وضحّت هذه الدراسة أهمية إيجاد شريك يتفهم التحديات الخاصة بالمجال المعنيّ. في هذه الحالة، كان الرئيس التنفيذي لداتامير، وهو ستيفان جروشف، والذي كان سباحاً تنافسياً سابقاً على المستوى الوطني في ألمانيا.  مع خلفيته هذه وإلمامه بالأمر، رأى جروشف مباشرةً إمكانية نجاح هذا المشروع. فرح كرستوفرسن بمساهمتهم وقال: “عادوا بنتائج حماسية حقًّا، وروابطَ لم نرها من قبل، مثل كيفية تأثير التدريب والبيئة وعلاقتهما، وأن كل هذه الأشياء مترابطة، ويمكن رؤية ذلك فعلًا بالنظر إلى البيانات”.كما وضحت هذه الدراسة أيضاً أهمية ملاحظة الأنماط في البيانات، إذًا فهي ليست عن كم من البيانات جمعتَ أو كيف تم تحليلها؛ إنما هي بملاحظة الأنماط على مختلف مجموعات البيانات واستخدام تلك المعرفة لتحسين الأداء، وينطبق ذلك الأمر على مجالَيّ الرياضة والأعمال على حد سواء.

لقراءة المزيد:

اعرف أكثر عن أوأثليت من هنا:

http://www.oathlete.com/#intro and https://vimeo.com/48833290 And the amazing story of the US women’s cycling team’s transformation is covered in the documentary Personal Gold. There’s more information at: http://www.personal-gold.com/