البيانات الضخمة في مجال تجربة العميل (تجربة المصرف الملكي الاسكوتلندي)

ترجمة: ندى العي

مراجعة: محمد كامل

مدخل

قبل الأزمة المالية التي حدثت في عام 2008، كان المصرف الملكي الاسكوتلندي (رويال بنك اوف اسكتلندا) أكبر بنك في العالم. عندما تعرض سوق القروض العقارية للتهديد بانهيار الأعمال، تدخلت حكومة المملكة المتحدة، حيث كانت تمتلك 84٪ من أسهم البنك.

يخضع البنك حاليا لعملية إعادة الخصخصة، حيث قرر البنك جعل تحسين خدمة العملاء استراتيجية مهمة من أجل بقاء حصته في سوق التجزئة المصرفية.

يلعب تحليل البيانات الضخمة دورًا رئيسيًا في هذه الاستراتيجية. وقد أعلن البنك مؤخرًا عن استثمار 100 مليون جنيه إسترليني في تقنيات تحليلات البيانات، وقام البنك بتسمية إحدى مبادراته الأولى باسم ” personology” أو “علم الشخصية” وذلك للتأكيد على التركيز على العملاء بدلاً من المنتجات المالية.

ما هي التحديات التي تساعد البيانات الضخمة في حلها في هذا القطاع؟

كما قال كريستيان نيليسن رئيس قسم التحليلات في رويال بنك اسكتلندا، خلال فترة السبعينيات والثمانينيات كانت البنوك منعزلة عن عملائها. حيث أن التركيز كان على الترويج للمنتجات وتحقيق أهداف المبيعات بدون النظر إلى الخدمات التي يحتاجها العملاء.

يقول نيليسن: “في السبعينيات، كان موظفو ومديرو فروع البنوك يعرفون عملائهم بشكل فردي. ويعرفون عوائلهم وكذلك ما يحاولون القيام به “.

أما في مرحلة ما من الثمانينيات، كما يقول، كانت هذه العلاقة الشخصية قد فُقدت حيث تحولت الخدمات المصرفية للأفراد من مساعدة العملاء والاعتناء بهم إلىالاهتمام بالموارد المالية وجميع أنواع الخدمات المالية والتأمينية من أجل مصادر جديدة للإيرادات.

بينما كانت البنوك قبل ذلك يركزون على تحقيق توقعات العملاء، تحول التركيز إلى “إخراج المنتجات من الباب” على حد تعبير نيليسن. فقد كان لدى البنوك هدف بيع محدد وعدد عمليات تحويل رصيد أو بطاقات الائتمان يسعون لتحقيقها، وكانوا يسعون لتحقيق هذه الأهداف سواء كانت ما يحتاجه العملاء أو لا.

كيف تم توظيف البيانات الضخمة والاستفادة منها؟

يستخدم المصرف الملكي الاسكوتلندي تحليلات البيانات لتحسين مستوى الخدمة الشخصية للعملاء، والذي قد يبدو غير منطقي. لكن فريق التحليلات قام بتطوير فلسفة أطلقوا عليها اسم “علم الشخصية” وذلك لفهم عملائهم بشكل أفضل وتلبية احتياجاتهم.

تمتلك البنوك كميات ضخمة من المعلومات، فسجلات البيانات توضح كيف ننفق أموالنا وندير شؤوننا المالية، وذلك يمكن أن يعطي صورة مفصلة عن كيف نعيش حياتنا، متى نأخذ الإجازات، ونتزوج، ونمرض، وعلى ماذا ننفق فائضنا من الدخل.

يقول نيليسن: “إذا نظرت إلى شركة ما مثل أمازون، فهي تعرف القليل عن عملائها مقارنةً بنا، ولكنهم يحققون الكثير من النجاحات لحسن استخدامهم للبيانات المتوفرة لديهم. ونحن نملك كمية بيانات ضخمة عن عملائنا ولكننا بدأنا للتو الاستفادة منها. لدينا بيانات غنية وهائلة ونحن بدأنا للتو في الاستفادة من إمكاناتها “.

مثال بسيط للغاية للبدء في تحسين خدمة العميل، هي تهنئة العملاء شخصيًا عند تواصلهم مع الفرع في يوم عيد ميلادهم. هذا لا يعتبر تحليلات للبيانات الضخمة ولكنه يتماشى مع مفهوم علم الشخصية.

أيضًا تم تطوير الأنظمة لإخبار العملاء بشكل فردي كيف سيستفيدون من الصفقات والعروض الترويجية المقدمة. كان في السابق، تسجيل الدخول إلى حساب البنك عبر الإنترنت أو الاتصال الهاتفي بخدمة العملاء، هي فرصة للبنك لعرض الخدمات المُربحة لهم. أما الآن يتلقى العملاء توصيات شخصية تُظهر لهم كم سيوفرون في حال قبول عرض معين.

 بالإضافة إلى ذلك، يتم تحليل بيانات العمليات التي يقوم بها العملاء لتحديد ما إذا سوف يدفع العملاء مرتين مقابل المنتجات المالية، مثل الدفع للحصول على مساعدة التأمين أو التجزئة التي تم توفيرها كجزء من خدمات الحساب المصرفي.

ماهي أبرز النتائج؟

على الرغم من أن الوقت لا يزال مبكرًا على النتائج، إلا أن نيليسن قام بالإبلاغ عن بعض النتائج الأولية. على سبيل المثال، اتصل كل عميل بخصوص المنتجات المالية المكررة وقام بطلب إلغاء منتج تابع لجهة خارجية بدلًا من منتج البنك.

يقول نيليسن: “نحن متحمسون جدًا للأشياء التي نقوم بها، نحن نرى معدلات استجابة تتحسن بشكل ملحوظ ومزيد من الترابط “.

ذكر موقع Computer Weekly أن أحد العملاء في الثمانين من العمر قام بالبكاء عندما هنئه موظف البنك بعيد ميلاده والذي لم يتذكره أحد.

 قد تبدو مثل هذه الأمثلة ليس لها علاقة بالبيانات الضخمة، ولكن هذه الطريقة تعتبر استراتيجية تؤثر على الناس بشكل فردي.

ما هي البيانات التي تم استخدامها؟

يستخدم بنك رويال اسكتلندا بيانات عن عملائه، بما في ذلك عمليات حساباتهم والمعلومات الشخصية وذلك لتحديد المنتجات أو الخدمات التي ستكون مفيدة للغاية لهم.

ما هي أبرز التقنيات المستخدمة؟

 يستخدم البنك برنامج لتحليل بيانات إدارة علاقات العملاء والذي طورته شركة Pegasys، وذلك لتقديم التوصيات والمساعدة في الوقت المباشر للموظفين في الفروع ومراكز الاتصال.  قام البنك أيضا بتطوير لوحات البيانات باستخدام SAS، وتقنيات مفتوحة المصدر مثل Hadoop (المطورة من قبل Cloudera) وCassandra.

ما هي أبرز التحديات التي واجهت المصرف الملكي الاسكوتلندي؟

 وفقًا لنيليسن، كان توظيف موظفين جدد أحد التحديات الرئيسية التي يوجهها البنك، “نحن في على وشك الوصول إلى المرحلة التي يشعر فيها الموظفون وكأنهم يجرون محادثات قيّمة مع عملائهم.

“لقد بدأ الموظفون في فهم ما تحمله البيانات، والبيانات التي تساعدهم على إجراء محادثات جيدة، وهذا التحول كبير ومختلف عما كنا عليه من قبل”

“إن إشراك الموظفين أمر بالغ الأهمية، فالأفكار التي حققت نتيجة أفضل والتي لها تأثير أفضل لدى العملاء، هي تلك الأفكار التي حصلنا عليها من موظفي الخط الأمامي أو عملنا لتطويرها مع موظفي الخط الأمامي بشكل كبير بشكل.”

الخاتمة

في مجال المبيعات والتسويق، تعتبر البيانات عديمة الفائدة إذا لم تخبرنا بشيء لا نعرفه بالفعل عن عملائنا.

فمن خلال فهم العملاء بشكل جيد، يمكن للشركات تلبية احتياجات عملائها بشكل أفضل.

يعد إشراك الموظفين وأصحاب المصلحة الآخرين أمرًا ضروريًا.  ويجب عليهم فهم سبب استخدام تحليلات بيانات العملاء إذا أرادوا أن يحققوا أقصى قدر من الفعالية في الوصول إلى رؤى مخفية.

المصدر:

Goodwin, B. (2015) Royal Bank of Scotland goes back to 1970s values/ with big data, http://www.computerweekly.com/news/4500248239/ Royal-Bank-of-Scotland-goes-back-to-1970s-values-with-big-data, accessed 5 January 2016.