استخدام البيانات الضخمة في الإعلانات (تجربة شركة سبرنت)

ترجمة: شدا محمد

مراجعة: محمد كامل

نظرة عامة

تُعد شركة سبرينت (Sprint) من أكبر أربع شركات للاتصالات المتنقلة في الولايات المتحدة، وتخدم أكثر من سبعة وخمسين مليون مشترك، مما أعطاها الوصول لكمية هائلة من بيانات عملائها الذين يعتمدون على أجهزتهم المحمولة في حياتهم اليومية.

في عام 2012م، أسست سبرنت شركة فرعية تُدعى بنسايت ميديا (Pinsight Media) بهدف أخذ مصادر هذه البيانات واستخدامها في تقسيم المستفيدين لمنصات إعلانات موجهة للهواتف المحمولة.

ما المشكلة التي ساعدت البيانات الضخمة في حلها؟

يرى الكثير من المستخدمين أن الإعلانات تعتبر إزعاجا ً واقتحاما ً، ويعلم المعلنون الشيء القليل عن من تصل إليهم إعلاناتهم بشكل عام، ولذلك ينفقون أموالاً طائلة في إيصال إعلاناتهم لأشخاص ليسوا ضمن دائرة الاهتمام، أو ليسوا قادرين على تحمل تكلفة ما يعلنون عنه. (وهذا يحصل بكثرة، فأغلبنا قد يتعرض لهذا النوع من الاعلانات بشكل دائم)، ولذلك تكون الإعلانات ليست ذات صلة، والجهود والمبالغ التي وضعها المعلن في رسالته إلى أولئك الأشخاص تضيع سدى.

فالحل الأمثل هو الإعلان المُستهدَف، بما أنه دخل في مجال التسويق المباشر وتطور خلال العصر الرقمي، فهو يستخدم البيانات الديموغرافية والسلوكية والمكانية لتقسيم المستخدمين لفئات متعددة. ولكن الأمر ليس بهذه السهولة، إذ أن الكثير من طرق تقسيم الجماهير تقوم على نسبة كبيرة من بياناتٍ مفصح عنها ذاتيًّا، فبمقدور الناس إنشاء ملفاتهم الشخصية بسهولة على مواقع التواصل الاجتماعي وبمعلومات خاطئة بهدف إخفاء هوياتهم، وكثيرٌ من البيانات المُنشأة على الإنترنت بعيدة كل البعد عن جعل الأشخاص عملاء محتَمَلِين.

كيف استُخدمت البيانات الضخمة عمليا ً؟

استخدمت شركة بنسايت ميديا بيانات المصادقة من الشبكة لبناء الوصول إلى ملفات تعريف أكثر دقة وموثوقية (وبالتالي أكثر قيمة) لسلوك المستهلك ، مما يسمح لهم بتقديم دعايات وعروض أكثر دقة للجماهير المستهدفة للمعلنين. وهذا بدوره يساهم بتقليل فرصة وضع إعلان يبدو مملًا أو غير ذي صلة لاهتمام المستهلك ، وزيادة فرصة أن يرى المستخدم شيئاً ما سيفكر في شراءه مستقبلا.

وهذا مشابه لخدمات الإعلان المستهدَف الشائعة في يومنا هذا من قبل شركات مثل فيسبوك وجوجل، ولكن بفارق رئيسي وهو أن البيانات جمعت أساساً على بيانات مشغل الشبكة.

ذكر جيسن دلكر، كبير موظفي التكنولوجيا والبيانات في بنسايت: “ركّزَ مشغلو الهاتف المحمول عموما على أعمالهم الأساسية، وهو نشر بُنى قوية للشبكة وأجهزة غنية بالميزات التقنية، ولم يركزوا كثيرا ً على كيفية الاستثمار بالثروة المعلوماتية التي لديهم، رَكّزوا على المقاييس كأداء الشبكة وتقليل نسبة إلغاء الاشتراكات ورعاية العملاء، وكل هذه في غاية الأهمية… ولكن هناك أعمال أخرى لم يستغلوها بشكل جيد.

“خدمات الهاتف المحمول وشبكات التواصل الاجتماعي وحتى الشركات المصنعة للهواتف التي يشترك معها مشغلو الهاتف المحمول قد فعّلوا تطبيقات ذكية جدا ً و أوجدوا هذا النظام البيئي المُركِّز على الإعلان المستهدَف ويُكسب مئات الملايين من الدولارات، وقد أوجدوه باستخدام البيانات الضخمة التي تُعد شيئا بسيطًا مما ينفذ إليه مشغلو الهواتف المحمولة”.

لقد طورت بنسايت ميديا أداتها الخاصة وتعرف بمنصة إدارة البيانات (DMP)، وتستخدم لإنشاء ملفات شخصية للإعلان المُستهدَف بتلك البيانات الفريدة التي لا يصل إليها غير سبرينت، تضمها مع مجموعات بيانات خارجية مشتراة أو متاحة مجانا ً ليزيدوا من دقة الوصول للشريحة المستهدفة أثناء الحملات الدعائية.

علاوة على ذلك، طورت الشركة أيضا تطبيقاتها الخاصة، كتطبيقات الطقس والرياضة ومتصفح إنترنت لتطبيق ريديت (Reddit) للمشاركة الاجتماعية ومنصة النقاش الشهيرة، مما سمح لهم بجمع المزيد من المعلومات كي تضاف إلى بطاقة تسويقية للمستخدمين كُوِّنت من معلومات أشخاص “حقيقيين”، موثقة من قبل بيانات مستخدمي سبرينت.

ماذا كانت أبرز النتائج؟

منذ أن أُسست بنسايت ميديا، تحولت سبرينت في ثلاث سنوات من الضمور في سوق إعلانات الهاتف المحمول إلى خدمة أكثر من ستة مليارات ظهور إعلاني شهريًّا، أدى ذلك إلى جعلها لاعباً أساسيا ً في لعبة إعلانات الهاتف المحمول عبر الإنترنت.

ما هي البيانات التي تم استخدامها في هذا التحول؟

تعمل خدمة بنسايت بثلاث أنواع من البيانات: مكانية وسلوكية وديموغرافية.

وضح جيسن أن البيانات المكانية: “متعددةُ الأطراف، أي أنها نتيجة أكثر من 55 مليون جهاز عندنا يتنقلون حول البلد”.

“وبذلك يتحدثون ذهابًا وإيابًا عبر أبراج الراديو – ونأخذ نحن إحداثيات خطوط الطول والعرض للبرج بالإضافة لحوالي 43 حقلاً مختلفًا ونحاول استخدامها لتحديد مكان الجهاز المحمول في وقت معين.

” إذا كان الشخص مسافراً وفعل عدة أمور خلال اليوم – سواء كانت رسائل نصية أو مكالمات هاتفية أو استخدم تطبيقات أو رسائل بريد إلكتروني، فهو يدلي بآلاف سجلات الأحداث في اليوم، فنكون قد حصلنا على بيانات مكانية وافرة كي نُفعّلها ونستفيد منها”.

تأتي البيانات السلوكية الموثقة من الطرف الأول من تحليل بيانات طبقة الحزمة التي تلتقطها مسابير تُحلل حركة مرور الشبكة، ووُضعت أصلًا لتُقيّم وتحسن أداء الشبكة. بالرغم من أن محتوى هذه الحِزم مشفر غالبا (باستخدام خدمة HTTPS)، فإن المنصات التي تصدر البيانات قابلة للتتبع. قال جيسن: “الذي حاز على اهتمامنا هو تفاصيل مستوى الناشر، ماهي الخدمات التي يستخدمونها؟” “وماذا كانت المدة الزمنية؟ هذا يعني أننا بدأنا نفهم أن الشخص الواحد ربما يكون جزء من جمهور معين، قد يكون الشخص لاعبًا إذا كان 20% من استخدامه للتطبيقات من لعبة “Clash of Clans”.

تأتي البيانات الديموغرافية من معلومات الفوترة التي يقدمها العميل عند فتح الحساب، مدعومًا ببيانات الطرف الثالث المشتراة من شركات مثل Experian.

ما هي أبرز التفاصيل التقنية في هذا التحول؟

تستقبل منصة بنسايت حول 60 تيرابايت من بيانات العملاء الجدد كل يوم، والبيانات مقسمة على نظامين، تُحفظ معلومات الملكية والمُعَرّفة شخصيًّا في نظام Hadoop الداخلي الآمن الخاص بهم، بينما تُشغَّل بيانات التطبيق ومنصات المنتجات من خلال خوادم سحابة أمازون (Amazon Web Service (AWS.

يستخدم فريق بنسايت منصة داتامير (Datameer) للتحليلات من أجل التعامل مع الأرقام، ولاعتمادهم فلسفة الإشراف على البيانات التي طرحها باتل، كبير علماء البيانات في الولايات المتحدة، بحيث يؤخذ مشرف بيانات من كل قسم بمسؤولية تأكيد أن التحليلات قد نُفذت قد الامكان، وكل مشرفي البيانات مدربون على أداة داتامير. تساعدهم البنية الأساسية لامدا التابعة لـ AWS على الاستقبال والتحكم بتدفقات البيانات فوريًّا.

ما هي أبرز التحديات؟

بالطبع ، تعتبر بيانات الهاتف المحمول حساسة وخاصة، نظرًا للتفاصيل التي يمكن أن تكشفها عن حيواتنا الخاصة. لتسوية الأمر، فإن خدمة سبرينت اختيارية، أي أن على العملاء السماح بمشاركة معلوماتهم كي تُستخدم لتزويدهم بالإعلانات المُستهدَفة.

يقول جيسن: “سبرينت هي الوحيدة من بين أربعة مشغلين لاسلكيين في الولايات المتحدة لا تُضمّن أحدًا خدمتها بالوضع الافتراضي، بل نسعى لإقناع عملائنا، وذلك أمر سهل، أنهم إذا سمحوا لنا بالاستفادة من بياناتهم ستصلهم أشياء ملائمة لهم أكثر، فتكون الإعلانات أقرب للخدمة من الإزعاج.

“يعي العملاء تماما أن هذا النوع من الخدمات يساعد في تمويل خدمات تشغيل الهاتف وتقليل تكاليفهم”.

ما الذي نستفيده ونتعلمه من هذه التجربة؟

يتمتع مشغلو الهواتف المحمولة بإمكانية الوصول إلى ثروة من البيانات النافذة الفريدة، بل والتي يمكن التحقق منها واستخدامها لجعل الإعلان أكثر صلة وفعالية.

كثير من هذه البيانات شخصية، ولا يُسمح باستخدامها دون إذن صريح من العميل، بل يُقال أن الكثيرَ راضون كفايةً لمنح هذا الإذن، إذا كان يعني ذلك الاستهداف بإعلانات أكثر صلة وأقل تدخلاً.

تُزود بيانات العملاءِ تدفقَ إيرادات إضافي وقيّم للشركات التي تفعل الاستفادة من الموارد، مما يؤدي إلى خفض التكاليف على الشركات وزيادة القيمة للعملاء.

للمراجع وقراءة المزيد:

لمزيد من المعلومات حول استخدام سبرينت للبيانات، زُر الرابط أدناه:

http://www.lightreading.com/spit-(service-provider-it)/analytics-bigdata/sprint-plays-by-its-own-rules-too/d/d-id/706402 http://www.ibmbigdatahub.com/blog/sprint-leverages-big-data-gainvaluable-business-insights